الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

كن أنت - من كتاب رسائل من هناك لـ خالد المصرى

في ثنايا المجتمع كُنت أرتحل، لا أعرف باي وصف يُسمى ما أعملهُ، وأي اسم يسمى به كُل ما قمتُ به خلال الأربع سنوات الماضية. نشطاء المجتمع، ونشطاء الإعلام كثيرين جداً نشاطهم يشبهني ولكن ليس أنا؛ حقيق أنى نشاطي يرتبط بالمجتمع ارتباط وثيق؛ ولكن ما أصنعهُ ليس نشاطاً اجتماعياً ولا إعلامياً ولكن يعمل في بعض المراحل على هذه الوسائل، وعلى هذه النشاطات .
حدثتني نفسي الليلة بكلام كثير جداً، قد يكون غَريباً ما تقرأ هنا عزيز القارئ؛ فالحوار الموجود هُنا قد يبدو لك أنه حوار بين شخصين مختلفين أو صديقين مقربين ولكن في الحقيقة أن الحوار هُنا بيني وبين الأنـا؛ حيث كنت هناك أحاور نفسى، واجادلها؛ وحيث كنت هناك أكتب هذه الرسالة.
ناشط الحب والسلام؛ انت مهمتُك في الدنيا نشر الحب والسلام بين الأفراد، والمجتمعات، والدول. الحلم الذى بداخلك يفوق احلام الكثيرين بمراحل كثيرة جداً؛ ولكن الإفصاح عن هذا الحلم أمر جد خطير، فالإفصاحُ عن أحلامك يعني تعرضها للسرقة، ليس خوفاً من تحقيق الحب والسلام للمجتمع عن طريق شخص آخر غيرك، فالغاية هي الوصول إلى الحب والسلام.

 الناشط الأول في الحب والسلام أنت، كُن بذرة لتحقيق الحب والسلام للمجتمع كما تريد؛ فالتكن البداية مِنك أنت ومن داخلك. ما بداخلك تمرد كبير فأنت رغم عشقك للحب والسلام؛ ترفض الإفصاح عنه.
اعرف ان ما بداخلي تمرد، وتمرد كبير جداً؛ رغم عشقي لها، ورغم محبتي؛ رغم معرفتي بما يسعدها؛ إلا أنني أخاف أن يأتي ما سأفعل بنتائج عكسية لما أريد.
دوماً أعرف واتوقع ما هي تريد؛ ولكن خوفي من التنفيذ لما أعرفهُ دوماً ما يكون السبب في كل المشكلات.
الحياة النكراء التي ترفض أن تكون فيها عليك تقبلها، وتغييرها، وإصلاحها؛ السبيل إلى إصلاح العالم لن يكون إذا كتبت كُل ما تريد بكل حرية.
 إن عربدة المال، والسياسة، والجسد؛ التي ارفض الغوص فيها؛ والتي أُفسد كل ما أنجزهُ بيدي خوفاً من الوقوع فيها.
إنني إنسان سأعيش للإنسانية وفقط ، ارفض السعي وراء المال، وارفض السعي وراء الجسد، وأرفض التحايل، والسعي إلي السياسة؛ المال هو الرصيف الذى سيمهد الطريق للخروج امام الجمهور, المال هو الطريق التي ستبنى عليها المنبر للتحدث الى الآخرين، الجسد هو نقطة الالتقاء؛ لو ما اتصل الجسد سينقطع النسل سوف لا يكون ابناء يكملون بناء أسمك واسمائهم.
عتاب النفس وعقابها على مراوغتها والجسد لن يصلحها، بل ربما افسدها أكثر، ان الفلسفة كما ان لها ميزات لها عيوب، والعقل يقول ان نأخذ من التفلسف ما يوافق قدراتنا ويوافق غرائزنا باعتدال الإنسانية.

سيكتبها التأريخ يوماً والتاريخ أنى كنت فلسفي في العشق، سأكتب لمحبتي تاريخاً؛ ليس لأنى أريد في الحب أن اكون أسطورة, ولكن لأن من أحبها تستحق أن يخلد اسمها , وبمحبتي لها سيكون اسمها مخلد .
فلسفتك في المحبة امر يزعج الكثيرين، ربما يزعجها هي حبيبتك نفسها؛ ولكني على يقين أن صوت النحت في الصخور مزعج؛ ولكنه يبقى أبداً.
إن العالم لا يدرك فلسفتُك، وإن الذكاء بزيادة قدره سيفقدك الجميع، التفلسف أمر جيد في الحوار بين القلم والأوراق؛ ولكن بين الألسنة، والحناجر، مع الأذن أمره ليس دوماً يستقيم.
الذكاء سيفقد الأصدقاء؛ ولكن الأغبياء منهم فقط، والأغبياء لا يصلحواْ للصداقة هذه التي أريدها، الميثاق الذى توقفت عليه هو الشرف، والشرف أن أكون صادق مع النفس، أحدثها بصدق كما أتحدث اليها الآن.
الأمر الوحيد الذى أريد هو التصريف، المخرج للحديث، المهارة لإخراج ما يمكن برأسي؛ خمس سنوات وأنـا أكتب لم أقرأ لقلمي مقالة واحدة أخرجت ما أريد إخراجه، بالصورة التي أردتها، سنوات من الحديث، والتخبط لم أخرج ما ريده للعالم بالصورة التي اريدها، إن ما يقطن بهذا الرأس، وما يسكن هنا في القلب، لا يخرج، ولا ينصرف، ولا ينفك من الاذان والنداء.
الشروق ليس بعيداً، فدوماً ساعات الليل ما تكون قصيرة، لم يأذن الآن للحديث أن ينصرف، ولا للنداء أن يُسمع، فالصبر، والجلادة، والتحمل، فخروج ما يدور بالرأس الآن هو بمثابة حكم عليه بالإعدام.


الأحبة يتساقطون من بين أضلعي، يهربون من قلبي، ومن محبتي، إن الرحمة التي أرتجيها هي امتلاك الفصاحة للبيان، وامتلاك طلاقة اللسان، والحديث معهم.
لن يفهم أحد ما يدور بداخلي؛ إلا إذا حدثتهم عنه, وعهدي مع هذا الأنـا الساكن بداخلي، أن لا يُعرف عنه شيء إلا من سأل عنهُ.
كيف سيفهمون ووقت الانطلاقة لم يحين؛ ربما لم أكن محتاج إلى التوسلات والترجي، كل هذا وما فعلته وما أفعل؛ لكن حباً في إبقائهم حتى يحين الميعاد بالحديث.
الأحبة حقاً سوف يبقون حتى النهاية, والخوف دوماً ما يفسد, وفساد الحلم، يعنى فساد كل ما بداخلك، وإن فسد ما بداخلك، فلا قدر يبقى ولا معنى.
إن الخوف من ضياع الاشخاص؛ سيفقدك نفسك، ويفقدهم محبتك، دوماً فلو ضللت الطريق لن تكون سعادة؛ ولو ضاعت السعادة منك، لن تقدر على اسعادهم! نحن شركاء في الحلم؛ ولكن اريد ان نكون شركاء في هذه الفلسفة، او الفكرة الكامنة ها هنا، حينها سيدركون كل شيء.
دقة القلب بالمحبة تُنمى كل شيء جميل، ودقة القلب بالمحبة مع الحلم ستكون سببا في إبقاء كل شيء جميل. الآن حان وقت العمل؛ اصدار الكتب ولو لم تكن ذات قيمة كاملة، مما بداخلك سيعرف الناس ويمهد الطريق لقول جيد، وكبير،
حطت القدم على الدرجة الأولى وأخذت مكان يسمع لك منه؛ فعلى قدره أخرج من عندك ما تريد، وابق بالسر ما لم يحن موعده بعد.
ان الحلم يرفض الزواج مع المال، والفلسفة ترفض الاقتران بوجوده, الحب يرفض نظرية الجسد، والبقاء يحتم لقائه.
حدث نفسك بما تريد وابق سُلما للارتقاء؛ ان الصوت لكى يصل لابد له من منبر، ولكن علو المنبر سيفقد الصوت قوته في الوصول الى الناس، والمجتمع، فاليكن المنبر دون ارتفاع، وليكن النداء من غير عُلى؛ النداء من الاعلى تخلص من النفاق، او شبهته؛ ولكن من بين الناس سيكون اصدق، ان خلصت النفس من نزعتها، إن الكذب من حولنا يعدل قيمة الهواء الموجود في الكون الذى نعيشه ! فأحبس انفاسك على الحلم حتى لا يمتزج به كذب، واخرجه ولا تلقف انفاسك اثناء حديثك به.
سأكون فقط من اريد ومع من اريد.
سيتحقق الحلم قريباً او بعيداً، ولكن قبل الرحيل على الوعد ؛ لا بد ان اترك رسالة ولو لم ابنى الحلم، ستكون بذرة لإنباته من الأرض وبناء اركانه.
على الموعد وكل دقة من القلب يتجدد اللقاء ، على الموعد وخير المال ما يكسبه الإنسان ولا يجعله يخسر نفسه.
ان الإنسان بغير حلم حيوان؛ ولو كان له عقل.  والمال لو كان حلماً فهو حلم لجاهل،
ان العمل الذى نسعى اليه هو العمل الذى قد لا نجيده ! فعملنا رسالة رسم لوحة جديدة للكون، وقدراتنا لإجادة صنعتنا طفلة في مهدها، ستكبر يوماً لتحتضن العالم بالحب والسلام .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More